النيل الأصفر ..وادي هور.
د. اسامة عبد الرحمن النور.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفق ما يربو على 500 تاريخ راديوكاربونى (C14) تناقص سكان أجزاء كبيرة من الصحراء الليبية الشمالية في الألفية السادسة ق.م. في حين استمر الجنوب يوفر شروط حياة بخاصة للرعاة لعدة آلاف السنوات. أولئك الرعاة ورد ذكرهم عدة مرات في المصادر المصرية القديمة. عادة ما يشار إليهم بأنهم لاجئين بيئيين بفعل الجفاف المتزايد باحثين عن ملجأ في وادي النيل- عادة بلا جدوى.
وادي هور، وهو نهر جاف يمتد طوله إلى 1.000 كيلومتر، كانت له أهمية خاصة منطقةً للإقامة والتبادل التجاري على الحدود مع السهل- يتجه من جبال انييدى إلى بحيرة نشاد إلى النيل إلى الجنوب من دنقلا واحتفظ بأهميته بلا شك منطقةً اتصال بين دواخل أفريقيا ووادي النيل حتى أزمان قريبة. الإقليم الأسفل للوادي الذى يمتد قرابة 400 كيلومتر من جبل رحيب شرقاً إلى النيل لم يعلم بعد حتى في أكثر الخرائط حداثة.
.
الدليل على أن وادي هور كان بمثابة سلسلة من على الأقل البحيرات المرتبط بعضها بالأخرى حتى الألفية الثانية ق.م. تم الكشف عنه فقط خلال السنوات الأخيرة. أعطى ذلك أساساً جديداً لكل الاحتمالات عن الصلات الثقافية بين النيل ودواخل أفريقيا.
.
لم يكن وادي هور هاماً فحسب حطاً شرقياً غربياً للتجارة وموقعاً للإقامة يوفر موارد هائلة للصيد وصيد الأسماك خلال فترة الهولوسين المبكر لكنه وفي أزمان لاحقة أصبح منطقةً للاحتفاظ بالأبقار، وأيضاً كان له دور الوسيط والمرحلة الانتقالية للثقافة بتحرك السكان الذى حدث في الألفية الخامسة بفعل الجفاف الذى أصاب الصحراء. بهذه الوظيفة فقد فرض نفسه عتبةً ايكولوجية يمكن للناس التوقف فيها ولثقافاتهم أن تتطور في وجه التوسع المخيف للصحراء التى هجمت عليهم.
الكم العادي للمكتشفات في ضفتي وادي هور مشهود قبل حقبة فروبينيوس التى قادها ل. الماسى في عام 1933 وظلت عرضة للجدل. في هذا المسار طرح فروبينيوس الفرضية الجريئة التى مفادها أن وادي هور هو "النيل الأصفر" الذى يجرى إلى الشمال. منذ بداية أبحاث الصحراء الشرقية لجامعة كولون في عام 1980 فان المواد الفخارية والحيوانية الهائلة استخدمت للإجابة على أسئلة متعلقة بأركيولوجية الإقامة (الاستقرار).
.
خلال السنوات الأخيرة أصبح ممكناً عن طريق أعمال المسح المنتظمة وبالاعتماد على كرونولوجية الفخار المفصلة تطوير الخطوط الأولى لمسار الاستقرار. طبقاً لذلك انعكس رد فعل مباشر على الجفاف المتزايد بالتشديد على تحويل مواقع الإقامة من السهول المحيطة ومن أسفل وادي هور إلى وسط الوادي وهناك من الأطراف إلى الأجزاء الواقعة إلى الأسفل. يصح الشئ نفسه بالنسبة للإفادات التى يمكن أن يتوصل إليها المرء بخصوص عظام الحيوانات المكتشفة: خفضت نسبة تربية الأبقار ليحل محلها الرعي المتزايد للخراف والماعز والتي تجد حتى اليوم مرعاً فقيراً لها بعد الجمال الخاصة ببعض البدو الكبابيش.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هامش :شاهد وادي هور علي الخريطة

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شاركنا تعليقك أو تحليلك اسفل الموضوع