-->

اخر الاخبار

جاري تحميل اخر الاخبار/

أخبار السودان

اخبارعربية

اخبارعالمية

الاخبار العاجلة

الأحد، 22 مارس 2020

الرحالة فريدريك كايو والأصل السوداني لحضارة وادي النيل







الرحالة فريدريك كايو والأصل السوداني لحضارة وادي النيل
__________________________________
من الرائع دوماً : عماد حرزاوي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• ليس فقط العلماء المتخصصين في التاريخ المؤسس علي منهج علمي (آثار ، لغات ، أنثروبولوجي) هم فقط الذين أقرّوا بعد دراساتهم التاريخية لحضارة وادي النيل بأن أصلها سوداني كما أوردنا العديد من مقتطفاتهم بل حتي الرحالة المستكشفين الذين تعتبر مشاهداتهم من قبيل الشهادات المرسلة أقروا بهذا الأصل السوداني لحضارة وادي النيل وحيث أن شهاداتهم هذه إتفقت والأدلة العلمية فيمكن أن نعتبرها صحيحة الي حد ما وعلي ذلك نورد شهادة الرحالة والمستكشف والجيولوجي الفرنسي فريدريك كايو Frederic Cailliaud (1787-1869م) الذي زار السودان في معية الغازي إسماعيل إبن محمد علي باشا التركي وشهد وقائع الغزو التركي من معركة كورتي حتي سقوط سنار وإنتهز الفرصة فساح في البلاد وكان من أوائل من شاهد آثار مروي القديمة بالبجراوية وكتب كتاباً ضخماً صدر في باريس سنة 1826م بعنوان (رحلة الي مروي والنيل الأبيض وما وراء فازوغلي وجنوب مملكة سنار وسيوة وخمس واحات أخري أنجزت في الأعوام 1819 و1820 و1821 و1822م) Voyage a Méroé, au Fleuve Blanc au delà de Fazoql, dans le midi du royaume de Sennar a Syouah, et dans cinq autres Oasis, dans les années 1819, 1820, 1821 er 1822.
• وهي منقولة من المصدر المذكور أسفل المنشور وذلك علي النحو التالي:-
__________________________________________________
• وقبل أن أبتعد عن النوبة، سأسمح لنفسي بأن أسجل بعض الملاحظات الصالحة لإثبات أقدمية حضارتها عن حضارة مصر. وهذه المسألة التي لم تبت فيها بعد الوثائق التاريخية، تكتسب في رأيي قدراً كبيراً من الوضوح عندما يفحص المرء بعناية آثار أثيوبيا أو النوبة العليا ومنتجاتها الطبيعية. وأنا لا أعتقد أن آرائي ستبدد كافة الشكوك حول هذا الموضوع الذي طال الجدل حوله ..... لقد عثرت علي عدد كبير من العادات القديمة التي ظلت قائمة في النوبة ولم يتبق منها أي أثر في مصر؛ وأنا أقر بأنه لا يمكن أن أستخلص من ذلك أي إستقراء يدفع الي الإعتقاد بأن هذه العادات لِمَ لَمْ تنشأ أصلاً في هذا البلد؟. ولكن إذا توصلنا الي إثبات أن الأدوات الأساسية المخصصة للعبادة عند قدماء المصريين كانت من إنتاج إنفردت به أثيوبيا، فإننا سنميل الي الإعتراف بأن هذه العبادة لم تنشأ أبداً في مصر ..... ويقال عن حق أن هجرات الشعوب الباحثة عن مستقر كانت تتم بالإنحدار مع مجري الأنهار. ولو تبنينا ذلك التدرج الطبيعي لما أمكننا أن نرفض إستخلاص كون أثيوبيا كانت مسكونة قبل مصر. وهكذا تكون أثيوبيا هي التي كانت لها أولاً قوانين وفنون وكتابة. غير أن عناصر الحضارة هذه التي كانت لا تزال خشنة وناقصة، لم تتطور الي حد كبير إلا في مصر حيث ساعد علي ذلك المناخ وطبيعة الأرض والموقع الجغرافي. فهنا إكتسب إزميل النحات رموز المعتقدات البدائية لموطنيه، أشكالاً أكثر إنتظاماً، لكي يزيّن بها المعابد، تلك الصروح التي تثير بكتلتها المهيبة إعجابنا، والتي لا تزال منطقة طيبة تحتوي حتي الآن علي بقاياها الرائعة. وهكذا، كما كتب من قبل العديد من العلماء، ومن بينهم السيد جومار، فإن الفنون المتقنة في مصر صعدت مرة أخري بإتجاه منبع النهر، بعد أن كانت قد إنحدرت معه في طفولتها. وكان هذا رأيي في الواقع عام 1816م عندما رأيت آثار النوبة السفلي، والمعترف اليوم بانها لاحقة لأغلب آثار طيبة.
• فريدريك كايوه، رحلة الي مَرَوي، 1826، المجلد الثالث، صفحة 271 والصفحات التالية.
_______________________________
هامش:-
________
1- فريدريك كايو يستعمل لفظتي (النوبة ، أثيوبيا) اللتين أستعملتا علي التوالي بعد لفظ كوش عن طريق اليونانيين والعرب المقصود بهما السودان.
2- فريدريك كايو يتحدث عن ملاحظاته هذه في ذلك الوقت الذي كانت فيه نظرية المعجزة الإغريقية للمركزية الأوربية في قمة إستعارها والتي نتجت منها أنِفة الأوربيين من أن يكتشفوا أن أعظم حضارات العالم صنعها أسلاف سودانيي اليوم فقاموا بالتزوير والتحريف في تفسير الحقائق وجعلوا من مصريي الدلتا من ذوي الأصول التي تنتمي الي شعوب بحر إيجية أصلاً لهذه الحضارة ولكن فشلت نظريتهم تماماً وكون أن يدلي فريدريك كايو بهذه الملاحظات في تلك القمة السُعارية للتمركز التاريخي الأوربي فهذه شجاعة تاريخية.
3- فريدريك كايو وبنفس الطريقة التي ذكرناها من قبل عن تفسيرات المؤرخين الذين يؤيدون الأصل السوداني لحضارة وادي النيل مثل واليس بدج فسر كيفية إستعظام الحضارة في رقعة مصر الجغرافية فقال أنها لأسباب ديمغرافية (طبيعة + بشر) وببساطة لخص الموضوع وهو إنحدار المخزون البشري لحضارة وادي النيل من خزانه الطبيعي في السودان الي منطقة مصر الوسطي بالتحديد (جنوب القاهرة – شمال أسوان) وبوسعنا أن نضيف الي ذلك تفسير مبسط هو ان السودان كان منطقة تزاحم بشري في رقعة كبيرة تؤدي الي عدم السيطرة علي البشر والموارد فذهبت مجموعات كبيرة الي رقعة يمكن إحكام السيطرة فيها وهي مصر الوسطي والي الآن مصر بلد يمكن ضبطها بشرياً طبيعياً لقبول رقعتها بهذا الضبط بخلاف السودان الذي يتيح حرية تمرد أكبر علي أي سلطة مركزية ولا ننسي في هذا الشأن تمردات قبائل البدو الكوشية التي أقضت مضجع ملوك كوش في أواخر فترتهم في القرون الأخيرة الخمسة قبل الميلاد حتي هددوا مسيرة التتويج الي جبل البركل المقدس.
4- فريدريك كايو رد علي المفهوم الذي يعترض علي أصالة السودان في الحضارة بدعوي أن آثار مصر أفضل رداً منطقياً سليماً ألا وهو أن الحضارة نشأت في السودان بدائية ثم تطورت في مصر لأسباب ديمغرافية كما ذكرها من حيث المناخ وطبيعة الأرض والموقع ويشير الي المفهوم التاريخي العلمي الثابت وهو إنحدار الحضارة من المنبع الي المصب بالنسبة للأنهار ثم يضيف إلي إنعكاس الآية بعد بلوغ الحضارة شأواً ألا وهو عودة إنحدارها الي المنبع ليأخذ الأصل نصيبه وهذا فيه رد علي من يعتقد أن ما فعله ملوك شمال الوادي في السودان هو من قبيل إستعمار دولة (مصر القديمة) لدولة أخري (السودان القديم) فالصحيح هو أن ملوك شمالي الوادي (مصر) من أصل جنوبي الوادي (السودان) وتعاملهم مع السودان يندرج تحت بند أنها المنطقة التي خرجوا منها كما نجد ذلك في النصوص التاريخية التي تشير الي السودان بإعتباره (أرض البداية = تا – خنت) كما في لوح بوهين او لوح فلورنسا للملك سنوسرت الأول 1977-1928 ق.م.
5- فريدريك كايو ملاحظاته المبكرة هذه تم تأييدها بالأدلة المادية الملموسة عن طريق رواد الأصل الأفريقي للحضارة وعن طريق المركزيين الأوربيين أيضاً في مقتطفات لهم يتم تجاهلها حالياً من قبل ورثة علم المصريات المصريين ولكنها موجودة ومعروفة لمن له باع في حضارة وادي النيل ونحن أوردناها هنا ليتحصل عليها الذين ليس لهم باع في التنقيب عن حضارتنا هذه.
_____________________________
المصدر:-
__________
• The African origin of civilization. Myth or reality. Cheikh Anta Diop. Arabic version translated by Halim Towson. Page: 172-173.
_________________________________
الصورة:-
_________
• تمثال لفريدريك كايو من متحف التاريخ الطبيعي في نانت بفرنسا.

اقراء ايضا عبر صفحات جريدة النخيل

هناك تعليق واحد:

شاركنا تعليقك أو تحليلك اسفل الموضوع

تكنولوجيا

أقلام واراء

ثقافة وادب

كاركاتير